سورة القارعة - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القارعة)


        


{الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (3)}
قوله تعالى: {الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ} أي القيامة والساعة، كذا قال عامة المفسرين. وذلك أنها تقرع الخلائق بأهوالها وأفزاعها. واهل اللغة يقولون: تقول العرب قرعتهم القارعة، وفقرتهم الفاقرة، إذا وقع بهم أمر فظيع. قال ابن أحمر:
وقارعة من الأيام لولا *** سبيلهم لزاحت عنك حينا
وقال آخر:
متى تقرع بمروتكم نسؤكم *** ولم توقد لنا في القدر نار
وقال تعالى: {وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ} [الرعد: 31] وهي الشديدة من شدائد الدهر. قوله تعالى: {مَا الْقارِعَةُ} استفهام، أي أي شيء هي القارعة؟ وكذا {وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ} كلمة استفهام على جهة التعظيم والتفخيم لشأنها، كما قال: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1] على ما تقدم.


{يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (4)}
منصوب على الظرف، تقديره: تكون القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث. قال قتادة: الفراش الطير الذي يتساقط في النار والسراج.
الواحد فراشه، وقاله أبو عبيدة.
وقال الفراء: إنه الهمج الطائر، من بعوض وغيره، ومنه الجراد. ويقال: هو أطيش من فراشه. وقال:
طويش من نفر أطياش *** أطيش من طائرة الفراش
وقال آخر:
وقد كان أقوام رددت قلوبهم *** إليهم وكانوا كالفراش من الجهل
وفي صحيح مسلم عن جابر، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي».
وفي الباب عن أبي هريرة. والمبثوث المتفرق.
وقال في موضع آخر: {كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر: 7]. فأول حالهم كالفراش لا وجه له، يتحير في كل وجه، ثم يكونون كالجراد، لان لها وجها تقصده. والمبثوث: المتفرق والمنتشر. وإنما ذكر على اللفظ: كقوله تعالى: {أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: 20] ولو قال المبثوثة فهو كقوله تعالى: {أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} [الحاقة: 7].
وقال ابن عباس والفراء: {كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ} كغوغاء الجراد، يركب بعضها بعضا. كذلك الناس، يجول بعضهم في بعض إذا بعثوا.


{وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)}
أي الصوف الذي ينفش باليد، أي تصير هباء وتزول، كما قال جل ثناؤه في موضع آخر: {هَباءً مُنْبَثًّا} [الواقعة: 6] واهل اللغة يقولون: العهن الصوف المصبوغ. وقد مضى في سورة {سأل سائل}.

1 | 2